خادم الحرمين يخشى مصير مبارك ولكن على يد الأمريكان


خادم الحرمين يخشى مصير مبارك ولكن على يد الأمريكان

استقال رئيس مصر حسني مبارك من منصبه بعد نحو من شهر من نشوب الاضطرابات ونقل سلطاته الى الجيش المصري. هذه نهاية فصل مهم حرج في حياة مصر السياسية، وهي الدولة العربية الكبرى. لكنه علامة طريق ايضا في السلوك الامريكي مع حليفهم الأكبر الأهم، ذي الحلف في المثلث الاستراتيجي بين الاسلام والعالم العربي والقارة الافريقية.


ينبغي ألا يوجد شك عند أحد في ان سلوك امريكا الاشكالي خلّف في الدول العربية طعم الخيانة وهم، بخلافنا، لا ينسون بسهولة.
يمكن أن نصف السلوك الامريكي في الشهر الاخير، منذ ان نشبت أحداث الشغب الاولى في تونس بأنه سلوك فيل في حانوت خزف. إن السرعة التي أراد بها الرئيس اوباما استغلال الاضطرابات للدعوة الى الديمقراطية والى نظام جديد في الشرق الاوسط دعمت قوى الاسلام المتطرف في أنحاء العالم العربي دعما عظيما. من المهم ان يكون واضحا أن هذه الصور لم تُلتقط دائما على شاشات التلفاز وما يُبث في الانترنت وهي أن قوى الاسلام قد وقفت من وراء أكثر المظاهرات والاضطرابات في مصر.

إن سنين من التحريض في المساجد كانت زيادة حاسمة على عدم الرضى عن الاقتصاد المصري. أقام المتطرفون ازاء وسائل الاعلام الاجنبية 'الوسيط' البرادعي لكنهم استمروا على ادارة النضال من وراء ستار.

عندما نشبت الاضطرابات في تونس بارك اوباما الجماهير في الشوارع لمحاربتها الفساد. وقد كتبنا آنذاك أن هذه السياسة ستؤثر في سائر حكام العالم العربي. قلنا، ومع ذلك كله شاهدنا في تحمس عندما تبين أن لم تكن تلك زلة لسان بل تصور عام واضح، يلائم نفسه والحراك المتشكل ويركب الموجة التي تعلو في كل وقت.

إن اجراءات الولايات المتحدة تقلق زعماء العالم العربي منذ زمن طويل. تم البرهان في مصر على انهم كانوا على حق في قلقهم، لأن من الحقائق أن هذه الاجراءات سببت زلزالا. لم يبق ملك السعودية غير مكترث وسرّب حديثه الى اوباما في الاسبوع الماضي الى صحيفة 'الغارديان' البريطانية. جاء في هذا الحديث انه طلب من واشنطن وقف المس بمبارك، بل هدد بأنه اذا قطعت واشنطن المساعدة الخارجية عن مصر فان السعودية ستحل محلها.

أدرك ملك السعودية انه اذا بدأت اضطرابات في غرب دولته، الذي يسكنه الشيعة في أكثره، أو بين السكان الشيعة في البحرين أو أبو ظبي فان واشنطن قد تتخذ موقفا يشبه الذي اتخذته في مصر. وقد أصبحت امريكا وهي دعامة أمس الاستراتيجية لزعماء العالم العربي المعتدلين، أصبحت خطرا عليهم.

لست أزعم ان الديمقراطية لا تلائم العالم العربي. إن جزءا من المتظاهرين في شوارع مصر طمحوا حقا بكل ما أوتوا من قوة الى ديمقراطية غربية حرة، ويجب احترام هذا. لكن كان يمكن بناء مسار متدرج راسخ يفضي الى الديمقراطية، لا مسار يُمكّن الجهة المعادية للديمقراطية من استعمال القاعدة التنظيمية التي تملكها للسيطرة على مصر. إن الخوف مما قد يحدث في مصر رأيناه في غزة مع حماس. فقد تولوا الحكم بإجراء ديمقراطي، لكن لا داعي الآن الى أن نذكر انه لم تعد توجد ديمقراطية هناك.

بخلاف السلوك الامريكي، الذي يُغير الاتجاهات تغييرا متطرفا سريعا منذ انتخاب اوباما للرئاسة، تصرفت اسرائیل باستقرار وحافظت على صمت حكيم وهذا أمر حسن. فقد نجح الصمت الاسرائيلي في إبقاء اسرائيل خارج المظاهرات، ولأول مرة منذ سنين كثيرة لم تقف العلاقات مع اسرائيل في مقدمة جدول عمل النضالات في الشرق الاوسط.

هذا تغيير ايجابي يدل على اتجاه أمل للمستقبل. والى ذلك، هذه فرصة لتوثيق العلاقات الاستراتيجية بالدول العربية المختلفة، وهي علاقات لا تمر بالضرورة عن طريق واشنطن. اعتاد الشعب في اسرائيل ان ينسى سريعا. نحن نوقع على اتفاق سلام ونجعل عدو الأمس صديقا. وليس الامر هكذا في العالم العربي. فزعماء العالم العربي لن ينسوا كيف تخلت امريكا عن صديقها الكبير.

ماذا يجب على اسرائيل ان تفعل الآن؟ يجب على اسرائيل ان تطور برنامج عمل مستقلا بإزاء الدول العربية المعتدلة برنامج عمل يقوم على مصالح استراتيجية مشتركة تشكل الغد.

0 comments:

إرسال تعليق